من أسئلة وإجابات حول الكتابة للطفل:
كيف نختار الشخصيات المناسبة لقصصنا؟
بقلم: أ. ماريّا دعدوش وفريق إدراك
 | |
|
عندما نختار شخصيات لقصصنا فما رأيكم أن نعطيها طبائعًا واقعية، وأن لا نجعل بطلنا بشخصية مثالية لا تخطئ، لأن كل شخص جيد في الحياة الحقيقية له بعض النقائص...
الشخصية المثالية على سبيل المثال هي التي تستيقظ في الصباح الباكر، تهتم بنظافتها، تكتب واجباتها، مجتهدة في المدرسة، مطيعة لوالديها ولمعلّميها، لا تكذب، لا تتفوه بكلام سيء، تنظف غرفتها بمفردها... والقائمة تطول... وبالمجمل الشخصية المثالية هي التي لا تخطئ.
الأهل بشكل عام يتمنون أن يكون طفلهم بهذه الصفات، لكن قبل أن نجعل شخصية بطل قصتنا مثالية ربما علينا أن نسأل أنفسنا السؤال التالي:
هل لو قرأ طفلنا عن مثل هذه الشخصيات في القصة سيقلدهم وسيصبح مثلهم؟
 | |
|
لنقرأ هذه القصة عن شخصية مثالية كمثال:
رباب طفلة نشيطة ومؤدبة وتكتب دروسها، عندما تنتهي من مهامها تساعد أمها في مهام البيت، وفي يوم من الأيام وجدت فأرة في غرفتها، قالت لها أمها: لا تخافي يا حبيتي الصغيرة، ربما جاء الفأر بسبب تلك الكسرات القليلة التي سقطت منك خطأ عندما تناولت البسكويت، من الآن فصاعدًا يستحسن أن تستخدمي صحنًا للبسكويت، ولديّ خبر سارّ، وهو أن الفئران تخاف من القطط، استعارت رباب قطة صديقتها المفضلة اللطيفة نورا ووضعت لها الحليب في الصحن وقالت لها: أيتها القطة الجميلة البيضاء الناصعة ما رأيك أن تأكلي هذا الحليب الشهي وتشبعي، ثم تطاردي هذه الفأرة المزعجة، بالفعل فعلت القطة ذلك وفي تلك الليلة نامت رباب نومًا هنيئًا بعد أن تخلّصت من الفأرة.
السؤال هو هل يا ترى لو قرأ أطفالنا عن رباب فسيقلدونها؟
 | |
|
الحقيقة نخشى أن العكس أحيانا هو ما سيحصل،
فالطفل أولًا قد لا يتشاعر مع رباب المثالية لأنه لا يشبهها، فأكثر لأطفال لا يحبون المدرسة مثلًا، ولا تغسيل اليدين ولا كتابة الوظائف ويحبون الأشياء التي تسوس الاسنان وهكذا…
وثانيًا والأدهى من ذلك أن طفلنا عندما يقرأ عن قصة بطلها شخصية مثالية قد يصاب بالإحباط، ويشعر بالنقص لأنه لا يمكنه أن يكون كاملًا مثل هذه الشخصية، لذلك عندنا نختار شخصية مثالية فنحن نغامر ألا يحب طفلنا هذه الشخصية وهكذا فلن يتفاعل معها أو مع قصتنا.
وبالعكس من ذلك لو كتبنا عن شخصية لها نواقصها، وجعلناها تبتدئ من نقطة في القصة تمارس فيه عيبًا، ثم تدرك عبر مجريات القصة أن هذا العيب يتسبب لها بالمشاكل فتختار أن تتركه، هكذا سنجعل الطفل يتشاعر مع شخصيتنا غير المثالية لأنها تشبهه ثم يرافقها في رحلة نضوجها عندما تختار أن تترك العيب ويقتنع هو أن يترك عيوبه المماثلة.
في نفس القصة السابقة تعالوا مثلا نكتب عن صبي غير مثالي فتصبح قصتنا على الشكل التالي:
لم يحب رجب أن يرتب غرفته أبدًا، ملابسه كانت على الأرض وكتبه كانت متبعثرة وبقايا الطعام على الطاولة وسريره غير مرتب، قالت له أمه: "لن تشاهد التلفزيون يا رجب حتى ترتب وتنظف غرفتك وهذا قراري النهائي. غضب رجب وبعثر المزيد من اللعب فحرمته أمه من مشاهدة التلفزيون، فكّر رجب ثم وجد فكرة رائعة :سيشاهد الكرتون من ثقب باب غرفته، وبالفعل ما كاد يدنو بعينه من ثقب الباب حتى سمع خلفه صوتًا ولما استدار وجد فأرا يأكل فتات الشوكولا على الأرض ولما حاول رجب اصطياده اختفى بين الكتب ثم جرى الفأر فوق اللعب المتناثرة ثم اختفى تحت بطانية السرير، رجب كان يكره الفئران، كيف سيخرج من هذه الورطة! تذكر أن صديقه يامن لديه قط فأحضره فورًا وقال له: اسمع أيها القط الشقي، لو أردت أن تحصل على طبق حليب شهي فيستسحن لك أن تطرد ذلك الفأر خارج غرفتي، أدى القط مهمته بنجاح وفي الصباح التالي لما دخلت أم رجب وجدت غرفته مرتبة ونظيفة، لا فتات على الأرض، الألعاب نظيفة على الرفوف وقد وضع ملاءة سرير نظيفة، تعجبت أم رجب وما زالت حتى الآن محتارة ما الذي غير ابنها العزيز...
بالطبع هناك كثير من الكتّاب لديهم ولاء للشخصيات المثالية ويرتاحون لها ويشعرون أن قرّائهم أيضًا يحبّونها، وبالطبع نحترم قصصهم الجميلة وتفكيرهم النبيل، ولكم يا مجتمع الصفحة الأعزاء أن تختاروا أي الطريقتين ترتاحون لها أكثر كي تعتمدوها في كتاباتكم فهناك متسع للجميع.
 | |
|
---------------------------------------------
