من قصص الأطفال:
قصة: نور والطعام المسحور
الفئة العمرية من 9-12 سنة
تأليف: د. غالية الزامل
رسوم: الفنانة آنيد
|
جلست العائلة حول المائدة. أحضرت الأم الطعام، وكانت قد أعدت الأرز الشهي والبازلاء وقطع اللحم.
سألت الأم: هل قمت بغسل يديك يا نور؟
رد نور: نعم ، فعلت يا أمي..
تابع الأب: وأنت يا هدى ألم تغسلي يديك؟
ردت هدى بابتسامة: بلى، فعلت يا أبي..
أكل نور بشراهة شديدة، ولم يعبأ بنظرات أمه و تمتمة أبيه.
بعد أن فرغ الجميع من طعام الغداء، دخل الأخوان إلى غرفهما للنوم وقت القيلولة، قالت الأم مستنكرة: ألن يأتي أحدكما لمساعدتي في حمل الأطباق إلى المطبخ؟!
ردت هدى: سآتي معك يا أمي.
بينما راح نور في نوم عميق، وإذ به يدخل حديقة واسعة مليئة بالأشجار والورود والطيور الجميلة المغردة، وفي نهاية الممر الذي يقسم الحديقة نصفين، رأى نور من بعيد مائدة كبيرة مليئة بأشهى أصناف الطعام والفاكهة!
أسرع نور نحو المائدة، لكنّه وجد الممر يطول أمامه بحيث لا يستطيع الوصول إلى الطعام.. حاول نور مرات ومرات، وفي كل مرة كانت محاولته تبوء بالفشل.
جرى نور هنا وهناك باحثا عن شيء يركبه؛ ليصل إلى مائدة الطعام الكبيرة، وفي تلك الأثناء لمح صديقيْه عصام وسلمى يلعبان في الحديقة، فأدار وجهه بعيدا حتى لا يراه أحدهما...
واصل نور البحث عن وسيلة يعبر بها الممر حيث الطعام، وأخيرا .. وجد دراجة تركها صاحبها للتو، وقد دخل أحد المشاتل داخل الحديقة. أخذ نور الدراجة دون استئذان من صاحبها، ثم ركبها بسرعة وانطلق حيث المائدة المنتظرة ..
وأثناء السير كانت هناك بركة طينية، عبرها نور بسرعة جنونية، فتطايرت قطرات مياه محملة بالطين على ثيابه وعلى وجهه ويديه.
وصل نور أخيرا إلى المائدة، وبدون تفكير بدأ في التهام الطعام والفاكهة، بالملابس المتسخة واليدين الملطّختيْن بالطين.
استمرّ الطعام لا ينضب ولا ينتهي، ونور أيضا لا يشبع .. وكلما أكل أكلا امتلأت الطاولة من جديد بالطعام... فرح نور بهذا الطعام المسحور، وقال: كلما احتجت إلى الطعام اللذيذ سآتي إلى هنا، ولن أخبر أحدا بهذا المكان.
والغريب أن أقدام نور بدأت تتورم وهو لا يشعر، وفمه يتسع ويتسع. ثم حاول العودة إلى الدراجة ليركبها ويعود من حيث أتى، لكنه لم يستطع الحركة!!!
وقع نور على الأرض .. وأخذ يصرخ من شدة الألم... توجه جميع من في الحديقة نحو صوت البكاء..
صاحت سلمى: أسرع يا عصام، هذا صديقنا نور، إنه يتألم!!
حمل عصام ومعه مجموعة من الأشخاص نورا إلى حيث عربة الإسعاف، وما أن وصل نور إلى المستشفى حتى قاموا بإدخاله فورا غرفة الطوارئ..
قال الطبيب: أكلت كميات كبيرة من الطعام الملوّث، كانت ستودي بحياتك، بالإضافة إلى التلوث الواضح على يديك وثيابك .. يا بني الصحة تاج على رؤوس البشر لا يراه إلا المرضى..
قال عصام وسلمى: شكرا أيها الطبيب على نصائحك الغالية .
وفجأة، دخل رجل سمين غرفة الرعاية حيث يرقد نور, وعندما رأى نور الرجل ارتعد خوفا، وأخذت قطرات العرق تتساقط كالمطر على وجهه... إنه صاحب الدراجة التي أخذها نور بدون استئذان..
قام نور من على سريره وأخذ يجري خائفا مرتعدا وأقدامه لا تكاد تحمله...
وحينئذ طرقت هدى باب الحجرة، وقالت: يا نور، هيا لتناول طعام العشاء مع أمي وأبي.. لماذا نمت كثيرًا هكذا؟!
رد نور: يا له من حلم مزعج!!
بعد اليوم لن أتناول إلا ما يفيدني من الطعام.. فالصحة تاج فوق الرؤوس.. سأبدأ من الغد في ممارسة الرياضة، وسأحرص على النظافة واتباع نظام غذائي سليم.
وسأساعد أمي في أعمال المنزل قدر المستطاع.... الحياة تعاون... والصحة حياة..
---------------------------------------------