|
بَيْنَمَا كَانَتْ أَزْهَارُ الحَقلِ تَتَجَاذَبُ أَطْرَافَ الحَدِيثِ تَذكُر خَصَائِصَ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا و مَا يُمَيِّزه عَنِ البَقِيَّة، إذ حَاوَلَ الصَّبَّارُ مُشَارَكَتَهَا الحِوَار.
لكنّ الأَزْهَارُ رَدَّت عَلَيْهِ باحْتِقَار: مَا دَخلُكَ يَا كُتلَةَ الأَشواكِ.. يَا غَريبَ الدِّيارِ؟ وضَحِكت ضَحِكاتٍ سَاخِرَة، تَرَدَّدَ صَدَاهَا على الجِبَالِ المُجَاوِرَةِ.
ابْتَسَم الصَّبَّارُ وقَال بِوَقَارٍ: أَنَا أَيضا... لِي أَزهَار.
فَتَعالَت ضَحِكاتُ الأَزْهَار وقالت إحداهُنّ: أَتَملِكُ حَقاً أَزهَارًا!! لا بدَّ أَنَّها أَبشَع أَزهَارٍ! لاَ رَائِحَة، وَلَا لَونَ سَارّ!!
فتَبَسَّمَ الصَّبَّارُ بِثِقَةٍ وَرَدَّ قَائِلاً: فِي الحَيَاةِ لِكُلٍ دَور...أَزهَارِي لَيسَت لِلزِّينَةِ.. ولا لِصُنعِ الْعُطُور، أَزهَارِي تُعطِي ثِمَارًا فِيهَا دَوَاء للكثير من الامراض ..
|
فَقَاطَعَتهُ إحدَاهُنَّ بِوَقَاحَة: ممم.. مَا عَلى هَذَا أَنكَرنَا الْجِوَار، لَكِنَّكَ لَا تُشبهُنا ومظَهرُك يُقرِفُنَا يا.. جَاري هاهاها.
وبِحَزم رَدَّ الصَّبَّارُ: مَا هَكَذَا يَدُورُ الْحِوَار، فَلِلحَدِيثِ آدَابٌ ولِلْمَجلِسِ وَقَار.. ومَع هَذَا سَأُجِيبُكِ حِفظًا لِلجِوَار:.
أَصلُ وُجُودِي فِي القِفَارِ، حَيثُ الجَوُّ حَارّ، والسَّماءُ قَلِيلَةُ الأَمطَارِ، لِذَا شَكلِي مُختَلِفٌ عَنكم، فجِذعِي مَخزَنُ مِيَاهٍ نَقِيَّة، يُسعِفُنِي لِأَظَلَّ حَيًا، وأَورَاقِي إبَرِيَّة تَحفَظُ كُلَّ قَطرَة نَدِيَّة، وتَطرُدُ مَن أَرَادَ بِنَا الأَذِيَّة، وأَنا حَولَ الْحَقلِ دِرعٌ وجِدَار يحمِيكِم مِن شرِّ الأَشْرَارِ ولِصَبرِي أُدعَى صَبَّار. فَجْأَةً...
|
هَبَّت رِيحٌ قَوِيَّةٌ، فشَعَرَت الأَزْهَارُ بِالخَوفِ الشَّدِيدِ، لأَنّ سيقَانها الغَضَّة لَن تَصمُدَ طَوِيلًا أَمَامَ قُوَّتِهَا. لَكِن..!
نَبَاتَاتُ الصَّبَارِ المَرصوصَةِ حَولَ الحَقلِ مَدَّت أَذرُعَهَا الشَّوكِيَّة حَتَّى تَشابَكَت وَرَاحَت تَصُدُّ الرِّيحَ وَتَرُدُّهَا، إِلَى أَن..
هَدَأَت ثَورِتُها وخَارَت قِوَاها. فخَجِلَت الأَزْهَارُ مِمَا بَدَا مِنهَا وَصَارَ، وأَطبَقَت مُعتَذِرَةً شَاكرة لنَباتَاتِ الصَّبَّار صٓنيعٓها.
هَكَذَا اِنقَضَى النَّهَار، فتَوَارَى قُرصُ الشَّمْسِ بَينَ الأغوَار، وَطَارَت لأَعْشَاشِهَا الطُّيُور، وغَطَّت فِي النَّوْمِ الأَزْهَار.
أَمَّا الصَّبَّار فَقد تَفَتَّحَت أَزهارُهُ البُرتُقالِية وَراحَت تُرَاقِبُ النُّجُوم المُتَلَألِئَة فِي السَّماءِ الصَّافيَة.
 | |
|
---------------------------------------------
للمزيد من قصص وأعمال الكاتبة: زينب دليل يمكنكم الاطلاع على مواضيع الأقسام التالية: زينب دليل وقصص الأطفال وقصص اليافعين.
---------------------------------------------لقراءة المزيد من قصص وإبداعات الكاتبات والكتاب في موقع (كيدزوون | Kidzooon) بإمكانكم الضغط على اسم الكاتب أو القسم المناسب لكم، وذلك من القائمتين الجانبيتين المعنونتين باسم: الأقسام والفروع.
---------------------------------------------تم النشر بطلب من كاتبة القصة: أ. زينب دليل.
-------------------------------------
