من مقالات تربية الطفل:
كيف أغدق الحب على طفلي؟
للكاتبة: نسرين سالم
تدقيق: كريمة الغربي
حبّ كلّ أمّ وأب لأبنائهما هو أمر مسلّم به لا يختلف عليه اثنان، هو حبّ من نوع آخر، حبّ لا مثيل له، حبّ حقيقيّ ليس من وراءه مصلحة، كلّ ما يريد الآباء والأمّهات من أبنائهم هو أن يكونوا سعداء وأن يكونوا بخير.
لكنّ المحزن في الأمر أنّ الكثير من الأبناء قد لا يشعرون بهذا الحبّ على الإطلاق، وقد لا يدركون أنّهم محبوبين من والديهم إلاّ بعد فوات الأوان؛ ويرجع السّبب في هذا إلى الكثير من الآباء والأمّهات الّذين لا يعبّرون عن هذا الحبّ؛ وذلك لأنّهم ربّما لم يتلقّوا هذا الحبّ من والديهم عندما كانوا أطفالا، أو لأنّهم ليسوا من الأشخاص الّذين يعبّرون عن مشاعرهم، أو غيرها من الأسباب.
إنّ كلّ طفل في هذا العالم يحتاج من والديه أن يغدقا عليه الحبّ، وأن يغمراه بالعطف والحنان
من مقالات تربية الطفل - كيف أغدق الحب على طفلي؟ - للكاتبة: نسرين سالم - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
في كلّ الأحوال، ومهما كانت الأسباب، ومهما اِختلفت شخصيّات الآباء والأمّهات، فإنّ كلّ طفل في هذا العالم يحتاج من والديه أن يغدقا عليه الحبّ، وأن يغمراه بالعطف والحنان.
إنّه يحتاج بشدّة أن يشعر بهذا الحبّ.
عندما يشعر الطّفل بحبّ والديه له وبعطفهم وحنانهم عليه سوف يشعر بالأمان، سوف يشعر بالاطمئنان، سيكون وجوده بينهما هو الملاذ الآمن له في كل لحظة صعبة يمرّ بها، يهرع إليهما عند كلّ موقف مزعج يمرّ به، يسمع منهما عندما يقدّمان له النّصيحة، يشاركهما كلّ لحظة جميلة في حياته، يسعى لإسعادهما في كلّ لحظة. السّؤال الّذي يطرح نفسه الآن هو:
كيف أجعل طفلي يشعر بحبّي له؟ كيف أغدق عليه الحبّ؟
من مقالات تربية الطفل - كيف أغدق الحب على طفلي؟ - للكاتبة: نسرين سالم - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
والإجابة لا تكفي أن تكون كلاما فقط، بل تحتاج إلى أفعال تطبّق على مدى السّنوات.
قبل كلّ شيء وأهمّ من كلّ شيء هو التّقدير، قدّر طفلك واُحترمه، قدّر كلّ صفة جميلة فيه، كلّ جهد يبذله لإرضائك، كلّ أمر يقوم بإنجازه، أعط كلّ عمل حقّه من التّقدير بدون زيادة أو نقصان.
من مقالات تربية الطفل - كيف أغدق الحب على طفلي؟ - للكاتبة: نسرين سالم - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
"الكلمة الطيّبة صدقة"
كما قال رسولنا الكريم: "الكلمة الطيّبة صدقة"، تصدّق على طفلك بالكلام الطيّب، واُثن على صفاته الحسنة، وشجّع سلوكه الجيّد، واُدعم إنجازاته. طفلك يحتاج إلى وقتك أكثر من حاجته إلى مالك؛ اِقض معه وقتا تعطيه فيه كلّ اهتمامك، اِلعبا معا، أرسما ولوّنا معا، شاهدا التّلفاز معا، شاركه أيّ نشاط يحبّه. الهدايا لغة رائعة لإيصال المحبّة إلى القلوب، قدّم إلى اِبنك هديّة بين فترة وأخرى، جميل أن تقدّم له هديّة عندما ينجح، عندما ينجز إنجازا معتبرا. والأجمل أن تقدّم له هديّة فقط لأنّك تحبّه، سوف يقدّرها ويحبّها، وستكون جسرا تعبر من خلاله إلى قلبه.
لا يهمّ ما هو سعر الهديّة فقد تكون مجانيّة؛ كأن تكون رسالة فيها من الحبّ الكثير، وقد تكون قبلة على جبينه، المهمّ هو القيمة المعنويّة لهذه الهديّة، المهمّ هو أسلوبك في التّعامل مع طفلك قبل تقديمها وخلال تقديمها وبعد تقديمها بيوم بأسبوع أو بشهر.
عليك أن تحصل على ثقته، عندها وعندها فقط سوف يرجع إليك في الأزمات الّتي تواجهه في حياته، إنّك لن تحصل على ثقته بالصراخ ولا بالعنف ولا بسوء الظنّ ولا بسوء المعاملة. سوف تحصل على ثقته عندما تثق به، عندما تحسن إليه، تعطف عليه، تحنو عليه، تعطيه حبّا غير مشروطا، تتحدّث معه، تشاوره، تستمع إليه، تطلب نصيحته وتأخذ بها، تقدّر رأيه.
من مقالات تربية الطفل - كيف أغدق الحب على طفلي؟ - للكاتبة: نسرين سالم - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
اِملك مفتاح قلبه
اِملك مفتاح قلبه، لكن قبل ذلك اِبحث عن هذا المفتاح فلكلّ إنسان مفتاح مختلف: منهم من يحبّ الهدايا، ومنهم من يحبّ كلمات التّشجيع، ومنهم من يحبّ أن تقضي معه وقتا تعطيه كلّ اهتمامك خلاله، ومنهم من يحبّ أن تقدّم له الخدمات فتساعده في أموره الخاصّة ومسؤوليّاته قليلا، قد تجدي هذه الوسائل جميعها وقد ينفع بعضها أكثر من الآخر، تعرّف على شخصيّة اِبنك واُعرف ماذا يحبّ وماذا يكره تقرّب منه، اِسع بكل جهدك لبناء رابطة قويّة معه.
ما تقدّمه لابنك الآن سوف تحصد نتائجه في المستقبل، فكما تعامله الآن سوف يعاملك في المستقبل. الآن هو يحتاج محبّتك، وفي المستقبل سوف تنقلب الموازين فتحتاج أنت محبّته. فكّر بمستقبل علاقتك بابنك، تخيّل نفسك وأنت تناهز الثمانين وأولادك يتحلّقون حولك تتلقّى منهم كلّ نظرات المحبّة والتّقدير يقضون معك السّاعات الطوال وأنت تستمتع بحسن صحبتهم ومجالستهم الطيّبة. صدقا لن تحصل على هذه النّعمة العظيمة إلّا إذا جالستهم وهم أطفال وأغدقتهم بالحبّ والحنان وعطفت عليهم وقضّيت معهم أجمل الأوقات، اِزرع تحصد.
من مقالات تربية الطفل - كيف أغدق الحب على طفلي؟ - للكاتبة: نسرين سالم - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
واجبنا كآباء وأمّهات
وفي النّهاية من واجبنا كآباء وأمّهات أن نغدق الحبّ على أبنائنا، وهكذا نعلّمهم كيف يغدقون الحبّ علينا الآن وفي المستقبل القريب والبعيد، عندما نحنوا عليهم ونعطف عليهم ونحبّهم صغارا سوف يعيدون لنا هذا الحبّ والحنان والعطف عاجلا وآجلا.