من قصص الأطفال:
قصة: هواية أبي الجديدة
للكاتب: محيي الدين يس عمار
|
أنا وضَّاح..
أمشطُ شعري كلَّ صباحِ.
أداعبُ خصلاته، فأشعرُ بانشراحِ.
وأفرح، حين تُطيره الرياحُ.
لي شعرٌ جميلٌ، أسود ليس له مثيل.
ما أجملَ شعري!
بعد التسريح، والتصفيف، حدّقت في المرآة.
فوجدتُ شعري طال، وطال.
ها .. هل سيصبحُ مثل شعر قطي فلفول؟!
لابد من الحلاقة، لتصبح رأسي براقا.
ولكن..
لا يوجد حلاق، كل المحال في إغلاق.
ماذا ستفعل يا وضاح؟
فكرت وأنا محتار، لن أستطيع الانتظار.
أحضرت المقص، وبدأت القص، وفجأة...
رأتني أمي، قالت: ماذا تفعل يا وضاح؟!
أخبرتها أن شعري طال كثيرا، ولن أنتظر طويلا.
|
قالت:
إن أباك أيام شبابه، كانت هوايته الحلاقة، وعنده ماكينة سهلةُ الاستعمالِ، قليلة الأعطال.
قلْتُ لها:
وهل أبي –حقا- يجيد الحلاقة؟!
خفضت صوتها:
وضاح، ليس لي علاقة.
وما هي إلا دقائق معدودة، وقد أحضر أبي الماكينة، وقال:
- هلم يا بطل.. اجلس تحت قدميّ، ولا تنظر إلى يديّ.
أخبرته:
لو تقرأ طريقة الاستعمال، قبل أن تبدأ في الحال، وشعري كالحرير، يحتاج إلى عناية، فتمهل عليه في البداية.
راح أبي يحكي لي الحكاية، من البداية إلى النهاية:
- الحلاقة كانت هواية، ولم يكن لي بها دراية.. حتى دخلتُ الجيش.. وبدأتُ أحلقُ للضباط، ولم يصب أحد بالإحباط. حتى صرتُ حلاقًا بارعًا، وليس لي منازع..
وبدأ أبي في العمل، فأمسك برأسي، ونادى على أمي.
|
طلبَ منها فوطة، لفَّها على عُنقي، ومن الخلف ربطها على رقبتي.
وحذرني أن ألتفتَ يمينًا أو يسارًا.
فاصطكّتْ أسناني، وارتعدتْ أوصالي
قلت لنفسي:
رأسي ستصبح منخفضات، مملوءة منحدرات!
ماذا ستفعل يا أبي؟!
طلب مني ، أن أكفَّ عن الحركة، حتى يتمكن من الحلاقة بدقة
قلتُ له:
أبي ، أريد أن أصنع قَصَّة..
قاطعني على الفور:
هل أصنعُ لشعركَ طبقات، وأجعل فيه استدارات؟!
أم أقصُّ لك الأطراف، كديك له أعراف؟!
أم أجعل شعرك مدرجًا، أخبرني لا تكن متحرجًا.
خفضتُ رأسي، وقلت:
أبي يا هُمَام، أحلقْ شعري بِسَلام.
شمّر عن ساعده، وقال:
إذا كُفَّ عن الثرثرة.
وأدار الماكينة، فانطلقت كالطاحونة، وتطايرَ شعري في كل زاوية.
تخيلت رأسي منخفضات، مملوءة منحدرات.
فقلت: اسمح لي يا أبي، أن أذهب إلى الحَمَّام، وأعود بسرعة الحَمَام.
ضحك أبي، وقال بلباقة: لقد أنهيتُ الحلاقة.
وبسرعة ذهبت إلى الحَمَّام.. غسلت شعري في عجل؛ لأرى ماذا حصل؟!
نظرتُ إلى رأسي، فلم أعرف نفسي!
أعتذرَ أبي بلباقة، لقد نسيتُ الحلاقةَ.
ابتسمتُ، وقلتُ:
بل أنتَ بارعٌ الحلاقةِ، قَصَّةُ غَايةُ في الأناقةِ.
|
---------------------------------------------