من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ - للكاتبة: إيمان وجيه

القائمة الرئيسية

الصفحات

من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ - للكاتبة: إيمان وجيه

من قصص اليافعين:

قصة: حضنٌ آليٌّ 

للكاتبة: إيمان وجيه

تدقيق: كريمة الغربي

من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)
من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)


طرقت سارّة الآلية باب غرفة نورا ثمّ دخلت، كانت نورا تطلّ من النّافذة ثمّ اِلتفتت إلى سارّة قائلة:

"سارّة لا أشعر برغبة في المذاكرة الآن! فهلّا تسمحين لي أن أُكَلِّمَ أمّي هاتفيّا؟"

سارّة هيّ إنسانة آليّة تشبه إلى حد كبير أمّ نورا الحقيقية. القصّة بدأت منذ أكثر من تسع سنوات تقريبًا، عندما اِتّخذ المسؤولون في الشّركة الكبرى الّتي تعمل بها أمّ نورا قرارا بمساعدة الموظّفات اللّاتي يعملن لديهم، فأغلب هؤلاء الموظّفات متزوّجات ولديهنّ أطفال وبالطّبع يحتاج هؤلاء الأطفال إلى من يرعاهم أثناء غياب أمّهاتهم عن البيت وتواجدهنّ بالشركة، لذا تمّ تصنيع عدد من الأمّهات الآليّات واللّاتي يشبهن إلى حدّ كبير الأمّهات الأصليّات وذلك ليقمن بنفس أدوارهنّ المنزليّة وتشمل هذه الأدوار تنظيف البيت وغسل الملابس ومساعدة الأبناء في أداء الواجبات وما إلى ذلك.
من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)
من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)

كانت نورا تبلغ من عمرها عشرة أعوام، وهي تدرك أنّ أمّها الآليّة تشبه إلى حدّ كبير أمّها الحقيقية في طريقة كلامها وفي حركتها ولكن... هناك دائمًا شيء مختلف.

ألحّت نورا في طلبها: "أرجوك يا سارّة أحتاج أن أكلّم أمّي؟" .

الآليّة: "ولكنّك لم تنته من أداء واجباتك المدرسيّة بعد يا نورا! كما أنّ أمّك في عملها الآن ومن غير اللّائق التحدّث معها أثناء فترة العمل، أعتقد أنّه من الأفضل الآن أن تكملي درسك حتّى أسمح لك بمشاهدة مسلسل الأطفال: "مزرعة الأشرار".

بدا الاستياء على وجه نورا الّتي ذهبت إلى النّافذة مرّة أخرى لتستأنس برؤية النّاس في الطّريق، كان الطّريق خال من المارّة تقريبًا إلى أن لمحت نورا طفلًا وطفلة صغيرين يمسكان بيد أمّهما وكان واضحا أنّ الأمّ وأطفالها في طريقهم إلى الحديقة لقضاء بعض الوقت في اللّعب بالكرة الّتي كانت في يد الطّفل الصّغير. اِبتسمت نورا لرؤية هذين الطّفلين المبتهجينِ و شعرت لوهلة ببعض الغيرة.

نظرت نورا مرّة أخرى إلى سارّة و سألتها: "سارّة ما رأيك إذا قمت بأداء جميع مهامي هل ستوافقين على اتصالي بأمّي ؟"

سارّة: "إنّه أمر مرفوض يا نورا."

نورا: "سارّة... أنا أشعر بدوّار."

الأمّ: "إذن سأحضر لك دواءً فعّالًا للدوّار."

نورا : "لا لا أقصِدُ إنّه دُوّار بالمعنى الحرفيّ ولكنّي أقصدُ أننّي أشعر بالتوتّر والوحشة أحتاج إلى حضنِ أمّي؟"

سارّة: "دعيني أحضنك يا نورا، فأنا هنا للقيام بمهامّ أمّك كلّها."

نورا : "لا شكرًا... لن تستطيعي القيام بهذه المهمّة يا سارّة! ولكن... هل يمكنني أن أسألك لماذا أنا هنا؟"

سارّة:" طبعًا أنت هنا لتؤدّي واجباتك المنزليّة يا نورا."

نورا: "لا أقصد ذلك، لماذا أنا هنا على هذا الكوكب؟ ما سبب وجودي في الحياة؟"

الأمّ:" أنت اِبنة السيّد حافظ وزوجته السيّدة نجوى."

نورا: "لم تجيبي بعد على سؤالي! يا سارّة لماذا خلقني الله؟"

الأمّ الآليّة: "أنت اِبنة السيّد حافظ وزوجته السيّدة نجوى."

نورا:" بالطّبع أنت لا تستطيعين الإجابة على ذلك السّؤال والآن أين والداي لماذا هما دائمًا منشغلان عنّا حتّى وإن كانا في البيت؟"

الأمّ: "كلاهما في عمله والآن عليك العودة إلى المذاكرة."

من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)
من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)


جلست سارّة و ماهي إلّا ثوان إلّا وصدرت عدّة أصوات وانطفأت بعض الإشارات وكأنّ عطلًا قد طرأ عليها وفي الحال توقّفت تمامًا عن العمل و الحركة.

نظرت نورا إلى سارّة وعادت تسألها: "هل أنت بخير يا سارة؟"

ساد الصّمت في الغرفة و بدت الأمّ الآليّة كجهاز حاسوب معطل تماما. اِقتربت نورا منها وحرّكت بعض الأزرار ولكنّها معطّلة تماما.

تهلّلت أسارير نورا وقفزت من مكانها في سعادة و فكّرت أن تخرج في هذه الأثناء للاتّصال بأمّها من أيّ هاتف في الخارج لأنّها لن تستطيع التحدّث من الهاتف المنزليّ فهو مراقب بالتّأكيد أو ربّما عرفت فيما بعد أمّها الآليّة فيتسبّب ذلك في معاقبتها لذا فكّرت نورا في الذّهاب إلي صديقتها ريم والاتّصال هاتفيّا بأمّها من هناك فأسرعت لارتداء ملابسها وبعد لحظات سمعت صوت طرقا على الباب فوجدت أخاها يفتح الباب وهو يحمل حقيبته المدرسيّة.
من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)
من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)

جرت نورا نحو أخوها سعيد وقالت بصوت منخفض محذّرة:"سارة تعطّلت، دعنا نتركها معطّلة، سأذهب أنا لزيارة صديقتي و الاتّصال بأمّي من هناك وتستطيع يا سعيد أن تفعل أنت أيضا ما يحلو لك."

سُرَّ سعيد لهذا الخبر وقال لأخته:" إنّه لخبر رائع! سأذهب لألعب كرة القدم مع أصدقائي."

اِنطلقت نورا إلى صديقتها وجارتها ريم الّتي فتحت لها الباب ورحّبت بها متسائلة عن سبب زيارتها.

اِرتبكت نورا و قالت: "في الحقيقة جئت لأستخدم هاتفك هل يمكنني أن أتّصل بأمّي من هاتفك يا ريم؟"

أجابت ريم بصوت هامسة: "بالطبع لن توافق الآليّة على اِستخدامك للهاتف، آسفة يا نورا ولكنّها لن ترحب بكِ ببساطة لأنّها آليّة لا تحمل أيّة مشاعر ولا تفهم معنى اِشتياقك لأمّك."

نظرت نورا في حزن إلى صديقتها ريم قائلة: "هؤلاء الآليّات متجرّدات من المشاعر والآن عليّ الانصراف."

اِنصرفت نورا وفي طريقها عائدة إلى المنزل وجدت سيّارة الإسعاف الآليّ في الطّريق وأدركت على الفور أنّ هذه السيّارة لابدّ أنّها في طريقها إلى بيتها لإصلاح أمّها الآليّة.

وقبل أن تفتح الباب وجدت أخاها ينظر من النّافذة صامتا. دخلت نورا فوجدت مسؤولا الصّيانة يقومان بإصلاح سارّة فاقتربت من أخيها وسألته: "لماذا لم تلعب مع أصدقائك؟"
من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)
من قصص اليافعين- قصة: حضنٌ آليٌّ  - للكاتبة: إيمان وجيه - موقع (كيدزوون | Kidzooon)

أجابها قائلًا:
"تذكّرت أنّ أمّهات أصدقائي هنّ أيضا آليّات وبالطّبع لن يوافقن على اللّعب بدون وضع هذا اللّعب في جدول المهام المخطّط لها سابقًا، فقرّرت أن أتّصل بأمّي فوجدتها منغمسة في عملها الّتي تعمل به من الصّباح الباكر حتّى المساء. كانت منشغلة لا تستطيع حتّى التحدّث معي ولو قليلًا وبدا صوتها سعيدًا جدّا للوهلة الأولى ولكنّها صمتت وتذكّرت أنّها مستعبدة في عملها ولا تستطيع العودة إلى حياتها الأسريّة مرّة أخرى! فأنهيت المكالمة معها ثمّ اِتّصلت بوالدي فوجدته مشغولا هو أيضًا ببرامج الشّبكة العنكبوتيّة ولا يستطيع حتّى الردّ عليّ عبر الهاتف وكلّ ما اِستطاع أن يقوله لي هو أنّه يعدني مجدّدا بشراء أحدث هاتف نقّال لي إذا نجحت بتفوّق هذا العام."

كان ذلك خبرا محبطا بالنّسبة إلى نورا. في ذلك الوقت اِنتهى مسؤولا الصّيانة من إصلاح سارّة وقاما بتشغيلها مرّة أخرى ثمّ اِنصرفا وأغلقا باب البيت خلفهما. عادت سارّة للوقوف على قدميها الآليّتين مرّة أخرى. ذهب سعيد إلى غرفته ثمّ جلست نورا على كرسيّها أمام جهاز الحاسوب وهي تنظر بأسى نحو صورة أمّها وأبيها المعلّقة على الحائط ثمّ اِلتفتت إلى سارّة و سألتها: "هل أنت على ما يرام الآن يا سارّة؟"

أجابتها سارّة بأنّها على ما يرام ثمّ انصرفت.

اِبتسمت نورا و كأنّها فكّرت في أمر جديد. قامت بتشغيل جهاز الحاسوب وبدأت بالبحث عن موقع الشّركة الّتي تعمل بها والدتها. كان أمرا سهلا أن تصل إلى موقع هذه الشّركة الكبرى وبعد التصفّح فيه لدقائق بحثت عن كيفيّة التّواصل مع المسؤولين في الشّركة وأخيرا وفي المكان المخصّص للتّواصل كتبت هذه الرّسالة:

"أنا اِبنة السيّدة نجوى القاضي والّتي لم أرها في حياتي سوى ساعات قلائل، يمكنكم الآن اِسترداد أمّي الآليّة فلا حاجة لي بها لأنّ اِحتياجي الحقيقيّ هو قضاء وقت أكبر مع أمّي! أحتاجها لتسمعني وتشجّعني ولتحضنني.

شكرا نورا حافظ"

ضغطت نورا على زرّ الإرسال، بعد ساعة تلقّت ردّا وكان كالآتي:

"الابنة نورا

نشكركم لتواصلكم معنا و قد أبدا المسؤولون اهتمامهم برسالتكم و سيتمّ النّظر فيها ومراسلتكم قريبًا."

شعرت نورا بالارتياح بعد تلقّيها هذا الجواب ثمّ عادت إلى درسها.

---------------------------------------------

للمزيد من قصص وأعمال الكاتبة: إيمان وجيه يمكنكم الاطلاع على مواضيع الأقسام التالية: إيمان وجيه وقصص الأطفال وقصص اليافعين.

لقراءة المزيد من قصص وإبداعات الكاتبات والكتاب في موقع (كيدزوون | Kidzooon) بإمكانكم الضغط على اسم الكاتب أو القسم المناسب لكم، وذلك من القائمتين الجانبيتين المعنونتين باسم: الأقسام والفروع.

تم النشر بطلب من كاتبة القصة: أ. إيمان وجيه

نعلمكم بتوقف النشر عبر هذه المدونّة، وذلك لانتقالنا بالكامل لموقع (كيدزوون | Kidzooon) لأدب وقصص الطفل واليافعين فضلًا يرجى متابعة جديد كيدزوون من خلال موقعنا الرسمي الجديد: www.kidzooon.com شكرًا لتفهمكم.


نعلمكم بتوقف النشر عبر هذه المدونّة، وذلك لانتقالنا بالكامل لموقع (كيدزوون | Kidzooon) لأدب وقصص الطفل واليافعين فضلًا يرجى متابعة جديد كيدزوون من خلال موقعنا الرسمي الجديد: www.kidzooon.com شكرًا لتفهمكم.