من المجموعات القصصية لليافعين:
قصة: السّباق الذي غيّر وجه العيد (6)
من المجموعة القصصية لليافعين: شتاء القلوب الدافئة
تأليف: عماد كوسا
من المجموعات القصصية لليافعين - قصة: السّباق الذي غيّر وجه العيد (6) - تأليف: عماد كوسا - من المجموعة القصصية لليافعين: شتاء القلوب الدافئة - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
في صبيحة العيد استيقظ حازمٌ مكتئبًا غير كلّ أطفال الحي؛ لأنَّ أباهُ لم يشترِ له سوى جزمةٍ زرقاءَ طويلة الساق تشبه جزمتَه التي تركها في فنَاءِ الدّار يوم هرب الجميع من موتٍ محتم. لقد ألحَّ على أبيه أنْ يشتري له قميصًا وسروالًا، لكنَّ أباه لم يكن يملك نقودًا كافية.
كان جميع أطفال الحي قد خرجَوا يبحثون عن المرح، ويسابقون العصافيرَ في التغريد، ويتشوقون إلى الأراجيح التي تحلّق بهم في الجو كطيورٍ جميلةٍ تعلّمت لتّوها فن الطيران، ويتباهون بملابسهم الجديدة. ويطوفون على البيوت يلتقطون منها حلوى العيد قبلَ أنْ تنفد، فالعيدُ أجملُ شيء ينتظره الأطفال، يخبئون نقودهم ليشتروا بها ما يحلو لهم هذا اليوم. ولا شيء يقف في وجه إصرارهم على الفرحة.
من المجموعات القصصية لليافعين - قصة: السّباق الذي غيّر وجه العيد (6) - تأليف: عماد كوسا - من المجموعة القصصية لليافعين: شتاء القلوب الدافئة - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
شعرَ حازمٌ بالخجل وهو يذهب إلى ساحةِ الحي ليلقى أصدقاءَه الذين تجمَّعوا في السّاحة مبتهجين بعودةِ العيد، ويتزاحمون على الأراجيح والألعاب الأخرى.
كانَ في يد كل طفلٍ قطعةُ حلوى يتلذّذ بها، وهو ينتظر دوره في اللّعبة.
جالَ حازمٌ بنظره بين أصدقائه الذين يلبسون ثياب العيد، كم هو جميلٌ قميصُ سامر! أحمد أيضًا يلبس بنطالًا وقميصًا جميلين، راما تبدو حريصة على فستانها المزركش. جان ومراد وبِنار يحملون ألعابًا رائعة.
شعر حازمٌ أنه غريبٌ بين أصدقائه، ولا يستطيع أنْ يشاركهم فرحةَ العيد؛ لذلك قرّر أن يعود إلى البيت بعد أنْ تبلّلت عيونُه ببعض الدموع.
دسَّ يدَهُ في جيبه باحثًا عن شيٍء ما، كان خالُه يدسُّ في جيبه نقودًا تكفيه ثلاثة أيام، لا أثرَ اليوم لنقودِ خاله، ولا حتى لخاله. لاحت له بسمةُ صديقه عامر يناديه من بعيد:
هيا يا حازم سنلعب كرة القدم مع فريق الحارة المجاورة.
لو كان عامرٌ هنا لكانا سيكتفيان بلعب الكرة ولا حاجة لهما للنقود، ولا لمشاركة الأولاد الذين لديهم نقود.
أخرج حازمٌ يدهُ مِنْ جيبه، وهو يهمُّ بالركض نحو بيته. لكنه سمع في تلك الأثناء صراخًا:
لا تدعوا حازمًا يهرب.
من المجموعات القصصية لليافعين - قصة: السّباق الذي غيّر وجه العيد (6) - تأليف: عماد كوسا - من المجموعة القصصية لليافعين: شتاء القلوب الدافئة - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
التفتَ إلى الوراء ليجدَ الجميع يركضون نحوه وهم يصيحون:
توقفْ يا حازم.
تجمّدَ حازمٌ في مكانه وشعَر بالخوف والحاجة إلى الهرب، سيسألونه أين الثياب الجديدة، سيسألونه كم لديه من النقود ليشتري بها الألعاب، وأيّ نوع من الحلوى اشتراها له أبوه.
سيهرب في هذه اللحظة قبل أن يصلوا إليه.
كانت راما تصيح من خلفه:
تعالَ يا حازم، لا تذهب.
مراد يدندن بالتركية (كنا جميعًا بانتظارك)
التفت إليهم حازم بخجلٍ شديد، إنّهم ينتظرونه ليروا ملابسَه الجديدة وألعابه، ويسمعوا منه عن أصناف الحلوى التي اشتراها أبوه.
اقترب منه سامر وهو يقول:
أهلًا بك يا صديقنا حازم، كل عام وأنت بخير.
ردّد الآخرون بصوتٍ واحد (كل عامٍ وأنت بخير يا حازم).
ردّ عليهم بصوت مرتعش: وأنتم بخير يا أصدقائي.
دسّ يده من جديد إلى أعماق جيبه بينما كان جان يهتز كأنه يرقص من شدة
الحماس، ويصيح بصوته الحاد:
إننا ننتظركَ لنبدأ اللعبة. هيا لقد تأخرنا.
قالت راما أيضًا: إنّها لعبةٌ جميلةٌ ومفعمةٌ بالحماس، كم أتمنى الفوز.
ردّ حازم: ماذا سنلعب؟
وقف أحمد أمامه وبدأ بشرح قواعد اللعبة متحمسًا:
اللعبة هي سباق الجري للوصول إلى حقيبة الهدايا.
صاحَ حازم بدهشة: حقيبة هدايا!
نعم لقد ملأنا هذه الحقيبةً بالهدايا الجميلة.
قالت بنار: يوجد في الحقيبة قميصٌ أحمر له أزرارٌ ذهبية رائعة.
أضاف أحمد: وسروالٌ أسود جميل.
وأكمل جان: وقطارٌ صغيرٌ يسير وحده ويصدر صوتًا عاليًا.
وبعد فترة صمت قصيرة استدركت راما قائلةً: وهناك بعض النقود في الحقيبة.
من المجموعات القصصية لليافعين - قصة: السّباق الذي غيّر وجه العيد (6) - تأليف: عماد كوسا - من المجموعة القصصية لليافعين: شتاء القلوب الدافئة - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
صاح أحمد:
سوف نعلّق الحقيبة على تلك الشجرة ونتسابق جريًا من عند بيت مراد باتجاه الحقيبة.
قالت بنار:
والفائز هو من يصلُ إلى الحقيبة أولًا.
صاح جان: هيّا أيُّها الأصدقاء فلْنَبدأ اللعب.
تردّدَ حازمٌ قليلًا، ثم قال:
أنا لا أستطيع اللعبَ معكم لأنّي لم أضع شيئًا في الحقيبة.
قالت راما:
لا داعي لذلك فقد امتلأت الحقيبة.
فهناك من وضع فيها نقودًا وسروالًا، وقميصًا وقطارًا. وذلك يكفي يا حازم،
لا داعي لشيء آخر.
صاح جان الذي امتلأ حماسًا: هيا لا تضيعوا الوقت.
قالت بنار: أنا سوف أفوز بالتأكيد.
تدخل أحمد على الفور: بل أنا سأفوز، أنا أنطلق كالبرق، وسترون.
تذكر حازمٌ القطار الأحمر الصغير الذي رآه في مخزن الألعاب، وحلم في مساءِ ذلك اليوم أنه يسافر بالقطار السريع إلى بلادٍ أخرى. وفي صباح اليوم التالي هرب مع عائلته نحو الشمال، كانت القذائف تلاحقهم. كم تمنى وقتها لو يملك قطارًا سريعًا. كان ذلك اليوم آخر يوم التقى فيه بصديقه عامر، وبخاله، وبكل أصدقائه هناك. ترك في ذلك اليوم ثيابه الجميلة، لم يكن لديه متسع من الوقت كي يجمع أغراضه، حتى بطاقة التقدير التي حصل عليها من المدرسة لتميزه، لم يستطع أن يجلبها معه.
صاح مراد: أريد أن أبدأ في الحال كي تروا كيف أنطلق كالسهم.
مدّ أحمد يديه جانبًا حتى يتأكد من تساوي الجميع عند نقطة البدء، ثم صاح فيهم:
هيا استعدوا سوف نبدأ السباق.
استعدَّ الجميع للانطلاق، آخذين كمية كبيرة من الهواء إلى صدورهم،
وتحمَّس حازم للسباق.
من المجموعات القصصية لليافعين - قصة: السّباق الذي غيّر وجه العيد (6) - تأليف: عماد كوسا - من المجموعة القصصية لليافعين: شتاء القلوب الدافئة - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
صاحَ أحمد بصوت قوي: هيّا..............
انطلقَ الأصدقاءُ يسابقون الريح، وانطلقَ حازم كالسهم، وراحَ يركضُ بكلِّ ما أوتيَ من قوة، يريدُ أنْ يصلَ إلى الحقيبة قبل الجميع لتتحقق كلّ أمنياته، كان يركضُ في شوارع مدينته بسرعة، وفاز أكثر من مرة على رفاقه بسباق الجري الذي كانوا ينظمونه عشوائيًا فيما بينهم، تذكر أنّه لمْ يفُزْ في آخر سباق حيث تعثر ببقايا قذيفة ووقع أرضًا. فاز يومها صديقه عامر.
ركض بكل قوته، كما كان يركض في ذلك اليوم الذي هرب فيه من القذائف.
قال جان وهو ينظر إلى حازم:
- أنا سأفوز بالحقيبة.
قالت راما: بل أنا سأربح الهدايا.
قالت بنار: بل أنا.
كانت الشجرة تقترب من حازم، والحقيبة مع الحلم تكبر شيئًا فشيئًا، وفي لحظة صار ينطلق كالسهم ويجتاز جان بمقدار خطوة.
استمرَّ بذات العزم يركض كالبرق نحو الشجرة. حلمُهُ قريبٌ جدًا.
يكادُ يصطدم بالشجرة، حقيبة الهدايا في متناول يده.
صاح الجميع بسرور:
لقد ربحَ حازم... لقد ربحَ حازم.
صفَّق الجميع لصديقهم الفائز.
من المجموعات القصصية لليافعين - قصة: السّباق الذي غيّر وجه العيد (6) - تأليف: عماد كوسا - من المجموعة القصصية لليافعين: شتاء القلوب الدافئة - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
صاح سامر:
إنك تستحق كل الهدايا التي في الحقيبة.
قالت راما:
هيا اذهب إلى البيت والبس هذه الثياب التي فزت بها، وعُد إلينا لنكمل اللعب.
قالت بنار:
علينا أيضًا أنْ نشتري الحلوى، هيّا يا حازم نحن بانتظارك.
عادَ حازمٌ بالهدايا إلى البيت مسرورًا، فهو سيلبسُ ثيابًا جديدةً مثل أصدقائه ويأكل الحلوى، ويلعب بالأراجيح، ويفرح بالعيد.
كانَ أصدقاؤه ينتظرونه كي يروا ملابسه الجديدة ويفرحوا بنجاح خطتهم.
من المجموعات القصصية لليافعين - قصة: السّباق الذي غيّر وجه العيد (6) - تأليف: عماد كوسا - من المجموعة القصصية لليافعين: شتاء القلوب الدافئة - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |