من قصص اليافعين:
قصة: الملك الحزين
للكاتبة: نهاوند سعود - الجزائر
تدقيق: كريمة الغربي
 |
| من قصص اليافعين - قصة: الملك الحزين - للكاتبة: نهاوند سعود - الجزائر - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
يحكى في قديم الزّمان، بأحد الممالك الجميلة الّتي اجتهد سكّانها في تشييدها وبنائها، شعب ودود يتميّز بالكرم وحسن الخلق والشّجاعة. شعب أبناؤه أقوياء البنية، شديدوا الشّكيمة حتّى أنّهم انتصروا على كلّ أعدائهم.
ذات يوم، خرج ملكهم "سرور" من قصره في رحلة. طاف حول مملكته بأسواقها ودورها وأحيائها البهيّة، لكنّ موجة حزن ما فتأت أن أصابته برغم ما شاهده من ازدهار.
شاع الخبر في كلّ المملكة، أنّ ملكهم حزين، وأنّه لا يعلم السّبب؟
فأعدّ له أمهر الطّهاة أحسن الأطعمة وأشهاها، واصطفّوا حول قصره ودخلوا عليه بأصناف المأكولات المنوّعة واللّذيذة، لكنّه فقد شهيّته تناول القليل منها، وبقيت علامات الحزن على وجهه. عاد الطّهاة خائبين لعدم تمكّنهم من إدخال السّرور على قلب ملكهم العزيز.
إثرها طلب وزيره من المزارعين أن يحفّوا المملكة بأنواع الزّهور، وأن يحضروا الورود النّادرة من الممالك الأخرى، لتثير البّهجة في نفس ملكهم، لكنّ الملك بقي كئيبا في شرفة قصره والورود تحيط به.
حينها قرّر أهل المملكة تزويجه أحسن فتياتهم على الإطلاق، واختاروا له أجمل عروس، وقاموا بحفل كبير تشريفا له، لكنّه بقي حزينا وأمامه زوجه مثل البدر في كماله.
دخل الملك إلى غرفته المخمليّة وبدأ يتأوّه شجنا وينظر لنفسه في المرآة و قد ازداد شحوبه.
احتار الوزير في أمره فأحضر له أبرع الأطبّاء، إلّا أنّ أحدا لم يفهم حالته. أكّد الجميع للوزير أنّ العقاقير لن تجدي نفعا لشفائه، بل هو في حاجة إلى شيء مفرح يخرجه من هذه الحالة.
أحضروا له أروع العصافير الّتي تزقزق بأعذب الألحان. جلس الملك أمام الحديقة المليئة بأنواع العصافير مغموما ولا يفهم السّبب.
 |
| من قصص اليافعين - قصة: الملك الحزين - للكاتبة: نهاوند سعود - الجزائر - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
تجمهر أهل المملكة وجمّعوا كل ما لديهم من الهدايا و الحليّ والمجوهرات لإدخال السّعادة على قلب ملكهم المبجّل و دخلوا عليه بالهدايا لكنّه استقبلهم بتعاسة وتجهّم. رجعوا مهمومين من أجله وقد باءت محاولاتهم بالفشل حتّى كادوا يفقدون الأمل.
ذات يوم، اقترح أحد العامّة إقامة مهرجان كبير بالمملكة، حيث احتفل الجميع بكلّ الألوان وخرج الأطفال والشّيوخ والنّساء. دام العيد أسبوعا متواصلا و مرّ الملك بموكبه، وعلامات الكدر لم تغادر وجهه.
زادت حيرة أهل المملكة في أمر ملكهم الحزين، و أجزم الجميع أنه مصاب بداء الحزن الّذي لا شفاء منه.
لكنّ أحد الملحّنين بالمدينة اقترح أن يجتمع كلّ العازفين بآلاتهم، علّه يطرب لسماع أروع مقطوعاتهم السمفونيّة.
و بالفعل اجتمع الموسيقيّون، وعزفوا باجتهاد لإمتاع ملكهم الجالس على كرسيّ من الذّهب الخالص و زوجته الفاتنة قربه، لكنّه سرعان ما ملّ و طلب من وزيره العودة الى مخدعه. تراجع في تثاقل، ليستمّر في نومه كالعادة!
و ما إن أشرقت شمس الصّباح حتّى اجتمع الخيّاطون بالمملكة لتصميم ثوب للملك لم يصنع مثله من قبل ولا من بعد. بدأ النّساجون في التّطريز والمصمّمون في تنفيذ المقترح.
وعند الانتهاء ذهبوا في سعادة الى الوزير " برهان " لكنّه أمرهم بالانتظار خارجا، لأنّ ملكهم مازال في توتّره. وبعد مفاوضات وحجاج تمكّنوا من إقناعه أنّ حالة ملكهم المتعكّرة ستنتهي بمجرد أن يرتدي هذا الثّوب الفريد.
استيقظ الملك وارتدى الثّوب الأنيق ووقف أمام المرآة لكنّه بقي تعيسا.
 |
| من قصص اليافعين - قصة: الملك الحزين - للكاتبة: نهاوند سعود - الجزائر - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
بادر أحد الخيّاطين إلى أخذ الملك في رحلات طويلة ليجوب البلدان ويعايش الطّبيعة عن قرب.
خرج العليل بموكب فخم مع وزيره "برهان " وزوجته "فاتنة " وطاف جميع الأماكن وتعرّف على جميع الأقطار و زار كل الممالك المجاورة، وتمتّع موكبه بهدوء الطّبيعة وجمالها.
ذات عشيّة، جلس الملك قرب النّهر فرأى تقاسيم وجهه المكفهرّ فزاده الأمر اعتلالا وكمدا عاد الموكب إلى المملكة.
بلغ اليّأس بالجميع مبلغه حتّى ذهبوا لتصديق أنّه مصاب بمرض غريب، و أنّه لن يفرح مادام على عرش الملك
وقد وجب عزله؛ فقد طالت المدّة و تأثّر الشّعب الودود السّعيد، والأقوى بين جميع الممالك وتردّت أحواله كمن أصابته العدوى. تعطّلت حياتهم وطمع جميع أعدائهم، وفكّروا في غزو المملكة السّعيدة لنهب خيراتها وثرواتها.
دقّ حكماء المملكة ناقوس الخطر، واجتمعوا لمناقشة ما آل إليه الوضع في هذا الأمر العجاب.
ألقى أقدرهم على الملك والشّعب بعض الخطب الملهمة.
 |
| من قصص اليافعين - قصة: الملك الحزين - للكاتبة: نهاوند سعود - الجزائر - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
وأقنع الحكماء الشّعب بأن لا يربطوا السّعادة بشخص معيّن أو مكان أو زمان وأنّ عليهم خلق الفرح بقلوبهم في كّل مكان والتّغيير نحو الأفضل هو نابع من ذواتهم. بات الجميع في بيوتهم مطمئنّين ومسحة الرّضا بادية عليهم.
إلّا الملك "سرور" بقي مشغول البال، مطرقا برأسه مفكّرا.
علم أهل المملكة بالأمر إذ لم يغيّر الكلام شيئا ممّا يكابده من هواجس فأصابهم الجزع من جديد و راحوا يتجوّلون في الطّرقات والحزن يعتصر قلوبهم. عجز الوزير "برهان" عن إيجاد تفسير لما أصاب المملكة وجلس يفكّر بعمق لإيجاد حلّ مجد.
كانت الأميرة "فاتنة " حاملا بأوّل طفل للملك في تلك الفترة. خمّن المؤتمن "برهان" لو أنّها أنجبت وريثا للعرش لربّما سعد الملك و انقشعت الغمامة!
وبعد أشهر، وضعت " فاتنة " بالفعل ولدا جميلا بهيّ الطّلعة...! وزفّ الوزير البشرى للملك بأنّه صار أبا وأصبح لديه وريث يزن ملكه. انشرح وجه الملك ضحك.. وضحك وقد غمرته السّعادة وهو يضمّ ولده و زوجته.
قرعت الطّبول في رحاب المملكة و انتشر الخبر السّعيد وسمع الخاصّة والعامّة فباركوا قدوم المولود الهنيء
وأقيمت الولائم و أهازيج الأفراح و صار الجميع يهتفون بحماس: ضحك الملك ...أخيرا ضحك الملك!
 |
| من قصص اليافعين - قصة: الملك الحزين - للكاتبة: نهاوند سعود - الجزائر - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
وهكذا عاش أهل المملكة في رغد وهناء، تحت سلطة الملك السّعيد، يترنّمون بهذا النّشيد:
مملكة السّعادة
مملكة الفرح
تطرد السآمة وتدخل عالم المرح
وتفرش الورود وتحلّق الطّيور
وتغرّد في حبور
وتنثر البهجة بقلب الملك "سرور"
وزيره "برهان " أعطاه الأمان
صاحب السّلطة والشآن
ساعده شعبه الودود
بمحبّة القلب وصدق الوعود.
---------------------------------------------
للمزيد من قصص وأعمال الكاتبة: نهاوند سعود يمكنكم الاطلاع على مواضيع الأقسام التالية: نهاوند سعود وقصص الأطفال وقصص اليافعين.
---------------------------------------------لقراءة المزيد من قصص وإبداعات الكاتبات والكتاب في موقع (كيدزوون | Kidzooon) بإمكانكم الضغط على اسم الكاتب أو القسم المناسب لكم، وذلك من القائمتين الجانبيتين المعنونتين باسم: الأقسام والفروع.
---------------------------------------------تم النشر بطلب من كاتبة القصة: أ. نهاوند سعود.
-------------------------------------
