من المراجعات والمقالات النقدية:
أهمية الفكاهة والمفارقات في قصص الأطفال
قراءة: حيدر هوري - صفحة طباشير
قصة: (تكشيرة) - للكاتبة: نسيبة العزيبي - رسومات: حاتم فتحي علي - من منشورات: (دار أشجار) نموذجًا
من المراجعات والمقالات النقدية - أهمية الفكاهة والمفارقات في قصص الأطفال - قصة: (تكشيرة) نموذجًا - قراءة: حيدر هوري - صفحة طباشير - موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
نشر "حيدر هوري" في صفحته المختصة بأدب الطفل عن أهمية الفكاهة والمفارقات في قصص الأطفال، واضعاً من قراءته في قصة "تكشيرة" نموذجا لذلك، حيث كتب عن الموضوع بشكل جميل ومفصل، وننقله لكم هنا ضمن عناوين فرعية، تشمل ما قاله "حيدر هوري" في قراءته.
من أحد الجوانب المهمة في الكتابة الموجهة للأطفال
يغفل عدد كبير من كتّاب أدب الطفل أحد الجوانب المهمة في الكتابة الموجهة للأطفال، وأحيانا يتقصد بعض الكتّاب هذا النوع من التجاهل عندما يكتب لمسابقة ما، فهو عندها يكتب نصا عن الأطفال وليس له، ويتوجه به إلى المحكّم لا إلى الطفل الهدف، وهذا الجانب المهم يكمن في استثمار عناصر ومعايير تتوافق مع وعي الطفل وهواجسه وميوله، ومن أبرز تلك العناصر الفكاهة وبساطة الطرح، والحدث الذي يولّد فيه نشاطا تخييلاً عالياً جدّاً، أو الحدث الذي يؤجج لديه مشاعر السعادة والتقبّل والسعي وراء المعارف والحقائق والاكتشاف.
تفاصيل جميلة تتداخل مع عوالم الطفل وخيالات الطفولة
وهذا ما فعلته الكاتبة (نسيبة العزيبي) في قصتها (تكشيرة)، حيث استثمرت تفاصيل جميلة تتداخل مع عوالم الطفل وخيالات الطفولة. إذ تتحدّث في قصتها عن أحداث تجري في مدينة أسمها تكشيرة، يمنع فيها الضحك والابتسامة، والعلامة الفارقة في هذه المدينة هي تكشيرة سكّانها كباراً وصغاراً. يسير إيقاع الحياة فيها بتراتبية ثابتة ومتكررة إلى أن يحدث الأمر الغريب الذي يحول مسار المجريات في المدينة إلى أن يقلبها رأسا على عقب. التحول يتحقق بسبب ولادة الطفلة (جميلة)، بطلة الحكاية، والتي تكسر قاعدة التكشير منذ ولادتها، إذ تلد باسمة وضاحكة.
المفارقة الجميلة في النص
المفارقة الجميلة في النص، أن تلك الطفلة الضاحكة هي ابنة الشخصية المركزيّة الأكثر تكشيراً في المدينة ابنة السيد (برطم)، والحاصل على جوائز متتالية في مسابقة أفضل أكبر تكشيرة في المدينة.
استثمار الكاتبة للفكاهة بأسلوب سلس وبسيط
تتالى وتتوالى الأحداث، وتتمكن بطلة القصة (جميلة) الطفلة الضاحكة من التأثير على سكان المدينة جميعاً، وينتشر الضحك والابتسامة في أرجاء المدينة وبين جميع سكانها.
استعانت الكاتبة بالأسلوب الفكاهي من أجل إثارة الفضول والتشويق لدى الأطفال في أثناء سرد تفاصيل حكايتها إلى أن تصل إلى لحظة النهاية والخاتمة.
استثمرت الكاتبة الفكاهة بأسلوب سلس وبسيط، لدرجة الشعور بأن كل الأطفال الذين سيقرؤون أو يسمعون القصة، سترتسم البسمة على وجوههم، وقد تصل إلى درجة الانفجار ضحكاً إذا كان قارئ القصة حكواتيا بارعاً. الطفل القارئ سوف يبتسم أثناء قراءته للنص، بسبب الرسم المتقن للمشاهد، والقادر على محاكاة النص وأحداثه المثيرة للابتسامة.
استحضار المسابقة والتحدي
استحضار المسابقة والتحدي بين سكان مدينة تكشيرة في النص، كان أمراً موفقاً جدّا، لما لهذا الحدث من تأثير على المشاعر، إذ أن الإنسان بطبيعته ميّال إلى التركيز ومتابعة مثل هذه الأحداث التي تبث الفضول والإثارة في النفوس.
من الأمور الموفقة في النص
أيضاً من الأمور الموفقة في النص، المفارقة التي أحدثتها الكاتبة في سيرورة الأحداث، وذلك من خلال تفجير الحدث المركزي في بيت الشخصية الأهم في مدينة بيت السيد (برطم) الأكثر تكشيرا في المدينة، وهو ما سيجذب الانتباه والاهتمام لدى الطفل القارئ لمعرفة النتائج، فبمثل هذه المفارقة سوف تتأجج التكهنات والتأويلات لدى الطفل حول النهايات المتوقعة لشخصيات الحكاية وأحداثها.
هل استطاعت الكاتبة نقل رسالتها؟
في عموم الأحوال، استطاعت الكاتبة أن تنقل رسالتها بطريقة محببة إلى الأطفال، حول قيمة الفرح، وتأثيره على حياة الناس وعطاءاتهم، ولكون الفرح حالة إنسانية فطرية، كان ربطها بالطفلة جميلة أمراً موفقا أيضا، على عكس العبوس والتكشير إذ ربطته الكاتبة وألحقته بالشخصية المركزية الأب برطم.
قد لا يصل الطفل إلى مثل هذه الأبعاد والتفاصيل التي أرمي إليها الآن، ولكنه سيشعر بطريقة ما بمدى تأثير الفرح والسعادة والابتسامة إيجابيا على مصائر ومشاعر الناس، وبالمقاربة بين ملامح الوجوه العابسة والباسمة سيتمكن الطفل من معرفة قيمة السعادة والبسمة، وبالتالي معرفة الجمال الكامن في أبسط الأشياء والأفعال.
في القصة تفشل كل محاولات السيد برطم من أجل تعليم ابنته التكشير ونسيان الابتسامة، بل ويتعدى الأمر إلى أن الطفلة جميلة تؤثر على كل من في المدينة، وتتمكن من الولوج إلى دواخل سكانها صغار وكبارا بضحكها وابتساماتها المستمرة، حتى أصبح كل من في المدينة باسما وضاحكا، وكانت السبب في تغيير اسم المدينة من مدينة تكشيرة إلى مدينة بسمة.
انتشار الضحك والملامح الباسمة غير اسم المدينة
والمفارقة الجميلة الأخرى التي خلقتها الكاتبة في قصتها، أنها جعلت السيد برطم يفوز بمسابقة أكبر تكشيرة عندما كان اسم مدينتهم تكشيرة، ومن ثم وعندما انتشر الضحك والملامح الباسمة تغير اسم المدينة إلى مدينة بسمة، فتغيرت شروط المسابقة لتتحول إلى مسابقة أجمل ابتسامة، ويفوز بها السيد برطم أيضا.
قصة الكاتب السوري (زكريا تامر) (الأولاد يضحكون)
في الختام، لا يسعني إلا أن أتذكر وأستحضر قصة الكاتب السوري (زكريا تامر) (الأولاد يضحكون)، التي تتناول موضوعا مشابها لقصة (تكشيرة)، إذ يتناول تامر أيضا موضوع الضحك، ويتناول أحداث قصته في مملكة يصدر ملكها أمراً بمنع الضحك، إلا أن الأطفال يستمرون في الضحك، ولا يرضخون للأمر الملكي بخلاف الكبار، إذ يبقى الضحك هاجسهم الفطري. لكن هناك اختلاف في أساليب تناول موضوع الضحك والسعادة بين الكاتبين. النصان يتناولان موضوع الضحك والابتسامة، إلا أن تامر كان مقتصدا في جمله، وكان طرحه فيه الكثير من الرمز الشفيف والجميل لمعاني رفض الظلم والخضوع وكان نصه مقتضبا ومكثّفا جدّا، غير أن نسيبة، فبالرغم من اختيارها لظروف زمانية ومكانية معاصرة ، إلا أنها على صعيد اللغة والأسلوب السردي كانت تقليدية، ومكثرة في الشرح، مما جعلتنا نشعر بإطالتها للنص وببعض الحشو الذي كان يمكن تجاوزه ببعض الاختصار والتكثيف.
---------------------------------------------
هذه القراءة هي واحدة من عدد من الدراسات والقراءات النقدية التي تقدمها: صفحة طباشير عبر الفيسبوك.
---------------------------------------------
للمزيد من قصص وأعمال الكاتب: حيدر هوري، وللمزيد من المراجعات والمقالات النقدية يمكنكم الاطلاع على مواضيع الأقسام التالية: صفحة طباشير ومراجعات قصص الأطفال ومقالات نقدية لقصص الأطفال.
---------------------------------------------لقراءة المزيد من قصص وإبداعات الكاتبات والكتاب في موقع (كيدزوون | Kidzooon) بإمكانكم الضغط على اسم الكاتب أو القسم المناسب لكم، وذلك من القائمتين الجانبيتين المعنونتين باسم: الأقسام والفروع.
---------------------------------------------تم النشر بموافقة من كاتب القراءة النقدية: أ. حيدر هوري.
-------------------------------------